"سندس وسلسبيلة" .. شقيقتان افترش جسمهما مرض جلدي وهما بعمر الزهور.

2015-05-15

عندما تحل ضيفاً للمرة الاولى على منزل اللاجىء السوري "ماهر رحال" المتواضع تشعر بحرارة استقبال اطفاله على باب المنزل، اذ ترى الابتسامة البريئة مرسومة على وجوههم تعكس حجم البساطة والادب الذين ترعرعوا عليه، الا ان أعين زائرهم لا بد ان تلتفت الى ابنتيه اللتين تجلسان على فراشهما دونما حراك مخفيتين أيديهما تحت بطانيات رقيقة فيتبادر إلى الذهن مباشرة ان البحث عن الدفء هو دافعهما لذلك.

الا ان قصة معاناة الطفلة "سندس" 13 عاماً وشقيقتها "سلسبيلة" 10 اعوام مع مرضهما – الذي شخصه الاطباء – بداء انحلال البشرة الفقاعي جعلهما بعيدتان عن التواصل واللهو مع اقرانهما من الاطفال بحجة الخجل الاجتماعي، علاوة على عدم استطاعتهما الاستعانة بأيديهما نتيجة هشاشة الطبقة الجلدية وضمور اصابعهما وتآكلها.

الحديث مع "سندس" الكبرى وهي الاكثر جرأة من شقيقتها "سلسبيلة" يزيدك حلما، كيف لا ؟! وانت تشعر بتسليمها لقضاء الله لما ألم بها من مرض جلدي فتاك نهش جسمها، حيث دعت المولى عز وجل بكلمات بريئة صادقة من خلجات قلبها قائلة : (انا بتمنى ربي يشفيني انا واختي من هالمرض ونعيش متل باقي الاطفال وما بدي شي تاني).

وينفطر القلب خلال الحديث معها عن كيفية دخولها الى الاردن قبل سنتين قادمة من منطقة درعا عبر الجبال والاودية هربا من نيران الحرب، وما رافقها وذويها من رحلة مريرة استمرت قرابة 14 ساعة قبل الوصول الى الحدود الاردنية تاركة ورائها مستقبل وطن انهكته ويلات النزاعات والحروب.

الاربعيني ماهر رحال - الذي يقطن في مدينة اربد منذ عام 2013 – سرد رحلة المرض مع ابنتيه الذي رافقهما منذ ولادتهما في سوريا وافترش كامل جسميهما النحيلين رويدا رويدا، حيث تفشت أولى اعراض المرض على شفاههما وهما في عمر الزهور الى ان اغتالت اعراضه باقي اجزاء الجسم، وتعدت عليه دون استطاعته توفير العلاج اللازم لفلذتي كبده جراء الكلف المالية الباهظة، مشيرا بالوقت ذاته الى ان بعض الاطباء كشفوا له ان هنالك امكانية لعلاجهما من خلال اجراء عملية زرع خلايا ما بين الجلد والأدمة بإحدى الدول الاوروبية، الا ان الفاتورة العلاجية تقف حاجزا منيعا لذلك.

كما يعاني ايضا من استمرار بقاء اسرته في مخيم مريجيب الفهود برفقة "سندس وسلسبيلة" لعدم وجود كفالات لهم تسمح لهم مغادرة المخيم دون رجعة نتيجة الاجواء الصحرواية القاسية ومدى تأثيرها على بشرة اطفاله المصابات بداء انحلال البشرة الفقاعي، حيث يضطر لطلب زيارة من ادارة المخيم لمدة يومين او ثلاثة ايام لأسرته لمغادرته وتوفير معيشة كريمة قدر المستطاع.

ماهر رحال - الذي يعمل في احدى المطاعم بنظام المياومة – يتقاضى راتبا متواضعا يقدر ب 8 دنانير يوميا مقابل ذلك يترتب عليه اجرة شهرية للمنزل المقيم فيه ب 160 دينارا، الا ان المعضلة الرئيسية التي تواجهه هي تأمين مرهم لتخفيف آثار تلك الفقاعات، اضافة الى شراء اكياس الشاش لتغطية جسميهما بعد استخدام المرهم، لافتا الى انه بحاجة الى مبلغ 40 دينارا لشراء تلك العلاجات كل ثلاثة أيام تقريبا لطفلتيه الجميلتين.

وعن تقديم اشكال العون والمساعدة، قدم ماهر شكره وعرفانه للهلال الاحمر الاردني بكوادره ومتطوعيه لمساعدة والدته المستحقة للدعم من خلال توفير البطانيات والطرود الصحية والغذائية وغيرها الكثير، كذلك وجه شكره الى اهل الخير من الاردنيين لتوفير بعض المستلزمات المنزلية، مؤكدا ان تلك السلوكيات تنم عن اخلاق الاردنيين بدعم اشقائهم من اللاجئين السوريين في ظل استمرار الازمة.

ومع كل ذلك ترى علامات الصبر والرضى بقضاء المولى وقدره على محيَا "ماهر الرحال" واسرته المكونة من سبعة افراد واضحة، وبصيص الامل لم يفقدوه، متمسكين بحبل الوصل مع الله عبر دعائه بإستمرار ان يشفي طفلتيه من هذا المرض العضال.